أخبار الإنترنت

“Veri.ly” مشروع لمنصة للتحقق من صحة الأخبار في الشبكات الاجتماعية

يعتزم باحثون من معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي، ومعهد قطر لبحوث الحوسبة إطلاق النسخة التجريبية من منصة Veri.ly خلال هذا الصيف.

وتهدف “فيري.لي” Veri.ly، والتي تعني حقاً أو من دون شك، إلى توفير أداة قادرة على التحقق السريع من المعلومات المتدفقة عبر مواقع الإعلام الاجتماعي؛ ففي كثير من الأحيان خصوصاً عقب الأحداث المهمة والكوارث الطبيعية تنتشر في هذه المواقع الكثير من المعلومات الغير مؤكدة، والتي كثيراً ما تكون متناقضة. ويمثل التحقق من صحة هذه المعلومات في الوقت المناسب عنصراً حاسماً في تنسيق جهود الإغاثة في أعقاب كارثة طبيعية على سبيل المثال.

وتعتمد “فيري.لي” على توظيف “الحشد الجماهيري” وتعبئة الناس لجمع وتحليل الأدلة لتأكيد أو نفي صحة أخبار، مع تقديم نقاط السمعة كشكل من أشكال المكافآت، بهدف تشجيع الناس على المشاركة.

ويعتزم القائمون على منصة “فيري.لي” اختبارها خلال إحدى الكوارث الطبيعية كفيضان أو بركان؛ إذ من المعتاد أن تصاحبها تحذيرات، كما يمكن التنسيق مع منظمات الإغاثة الإنسانية لاستخدام المنصة.

فعلى سبيل المثال يُمكن نشر إحدى الصور المتداولة عبر “تويتر” لمستشفى غمرها الفيضان، وطرح سؤال حول ما إذا كانت الصورة حقيقية، ليبدأ المستخدمون تقييم مدى صحتها، كما يحثون أصدقائهم ومتابعيهم عبر الشبكات الاجتماعية على التحقق من صحة الصورة.

وخلال ذلك يكتسب المصوتون نقاطاً تعكس السمعة أو المصداقية، ويرتفع رصيدهم من نقاط السمعة أو ينخفض بحسب ما يقدمونه من معلومات صحيحة. وفي المرات التالية تكتسب التصويتات والآراء التي يقدمها الأشخاص الموثوق بهه درجة أعلى من المصداقية.

كما سيحث “فيري.لي” المصوتين على جلب مشاركين جدد، وسيمنح المشارك الذي يستخدم الموقع بناءً على ترشيح أحد المستخدمين من ذوي السمعة الجيدة رصيداً مرتفعاً من نقاط السمعة في البداية.

دروس “تحدي البالون الأحمر”

يسعى “فيري.لي” لاستلهام تجارب سابقة لتعبئة وتنسيق جهود الناس عبر مواقع الإعلام الاجتماعي لصالح مهمة واحدة.

ومن أبرز التجارب المماثلة ما يُعرف باسم “تحدي البالون الأحمر” في عام 2009؛ حيث رصدت وكالة مشروعات الأبحاث الدفاعية المتقدمة (داربا) 40 ألف دولار للفريق الذي يتمكن من تحديد مواقع عشرة من بالونات الرصد الجوي نشرتها في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية.

وتمكن فريق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) من تحديد أماكنها خلال أقل من تسع ساعات عبر تشجيع الناس على المشاركة عبر وسائل الإعلام الاجتماعي.

واعتمد الفريق على تحفيز المشاركين بالمكافآت المالية؛ فمنح كل شخص يتمكن من إيجاد إحدى البالونات ألفي دولار، وألف دولار للشخص الذي دعاه للمشاركة.

كما جرى العام الماضي تحدٍ مماثل باسم “Tag Challenge” طُلب فيه التعرف على خمسة أشخاص، بافتراض أنهم من المشتبه بهم، خلال اثني عشر ساعة مع تقديم مكافآة خمسة آلاف دولار للفريق الفائز. وتوزع الأشخاص في خمس مدن في أوروبا وأمريكا الشمالية.

واستهدف التحدي التعرف على جدوى وطريقة استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي في تحقيق أهداف متعلقة بإنفاذ القانون الدولي خلال وقت محدود. ونجح فريق “كلاود سكانر” CrowdScanner، الذي ضم علماء حاسب من معهد مصدر للتكنولوجيا وجامعة ساوثهامبتون البريطانية، في التوصل لثلاثة من المطلوبين. واستخدم الفريق المكافآت المالية لتشجيع الناس على البحث ورفع صور المطلوبين وحث الآخرين على المشاركة.

ويقول أحد مبتكري منصة “فير.لي”، والذي شارك ضمن فريق “كلاود سكانر” الدكتور إياد رهوان: “حشد الناس للالتحاق بعملية البحث جزء من المشكلة، لكننا بحاجة لمعرفة كيفية تجنب التقارير المضللة”.

وأضاف رهوان، الأستاذ في معهد مصدر للتكنولوجيا، أنه في حين استغرق إيجاد البالونات تسع ساعات، فإنهم يأملون في تسهيل تقييم الحشد الجماهيري لأدلة وسائل الإعلام في حوادث منفردة ليستغرق ما يقل عن تسع دقائق.

ويرى باتريك ماير، مدير الابتكار في معهد قطر لبحوث الحوسبة وأحد المشاركين في ابتكار “فيري.لي”، أن المنصة الجديدة يمكن أن توفر وسائل سريعة للتحقق من التقارير التي تنتشر في مواقع مثل “ريديت”.

خدمات مماثلة

تنضم منصة “فير.لي” لمجموعة من الخدمات الشبيهة للتحقق من محتوى وسائل الإعلام الاجتماعي، وإن كان أغلبها يركز على جوانب بعينها.

ومن بينها Storyful الذي يقدم خدماته للصحفيين والمؤسسات الإخبارية بالتحقق من محتوبات وسائل الإعلام الاجتماعي، كالتأكد من صحة فيديو عبر فحص زاوية التصوير وحالة الطقس في المكان المفترض وغيرها.

وكذلك SwiftRiver إحدى مبادرات منظمة “أوشاهيدي”، وهي منصة حرة ومفتوحة المصدر تعتمد عليها عدة تطبيقات، وتهدف لمساعدة الأفراد والمنظمات المختلفة على استخلاص المعاني من كم كبير من المعلومات في وقتٍ وجيز. وتعتمد على تنظيم البيانات وتصفيتها وترتيبها خلال حدوثها، وإضافة سياق يفسرها.

أزمة تفجير ماراثون بوسطن

تبرز أهمية “فير.لي” والخدمات الأخرى مع تكرار تناقل مستخدمي المواقع الاجتماعية لأخبار وصور غير صحيحة، مما تسبب في حدوث مشكلات عدة.

وربما من أحدث الأمثلة، ما جرى في أعقاب تفجيريّ ماراثون بوسطن في الولايات المتحدة منتصف أبريل الجاري؛ حيث أدت محاولات بعض مستخدمي موقع “ريديت” Reddit للتعرف على المتهمين المحتملين لتوجيه اتهامات إلى سونيل تريباثي، الطالب في جامعة براون. وانتشر الاسم عبر “تويتر” ووسائل الإعلام،  وهو ما ثبت عدم صحته، ودفع “ريديت” لنشر اعتذار عما حدث.

ويقول إيثان زوكرمان، مدير مركز الإعلام المدني في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: “إن المشكلة الأساسية مخيفة، فالناس يرغبون في مشاركة ونشر المعلومات سواءً كانت دقيقة أم لا”. وأضاف أن التقارير التي تناولت تفجير ماراثون بوسطن برهنت على مشكلات التحقق في الإعلام.

زر الذهاب إلى الأعلى